مجتمع

الحمل وما بعد الولادة أيام أجدادنا

بقلم نجلاء صلاح الدين

الكاتبة الصحفية والباحثة الاجتماعية

منذ القدم ونحن نسمع كلام كثير عن فترة الحمل، وكيف تتعامل كل سيدة مع هذه الفترة الصعبة، ولكن كل وقت وله آذان، بمعنى منذ أيام أجدادنا كانت السيدة الحامل لا تتابع عند دكتور نساء وتوليد، بل كان يوجد الداية بمعني “سيدة تفهم في أمور الحمل والولادة والطهارة”، تعرف بالخبرة أن هذه السيدة حامل وفي أي شهر، وكان لا يوجد إشعة تليفزيونية ولا أشعة ثلاثية الأبعاد أو رباعية الأبعاد، مثل أيامنا الحالية، فهذه الداية كانت توجد واحدة في كل حي، وفي كل منطقة ومعروفة لدى الجميع من أفراد الأسرة، فهي تكون في انتظار أي لحظة للولادة، فعند إحساس السيدة بآلام الوضع والولادة في أي وقت يذهب أي شخص من العائلة لإحضار هذه الداية لولادة هذه السيدة الحامل، وعندما تحضر أو شيء تقوله احضروا الماء الساخن التي تطلبه الداية عند الولادة، وعندما تحضر الماء الساخن نسمع صوت المولود يبكي، وتظهر الفرحة على كل “الوشوش” في العائلة وأولهم والد المولود وأم وأب الوالدة لحضور فرد جديد للعائلة، وعند خروج الداية بالمولود يقوم والد المولود بإعطاء الداية الحلاوة، وهي فلوس فرحة بالمولود، وعند بلوغ المولود اليوم السابع وهو “السبوع”، تحضر أيضا الداية لكي “تنخل” المولود في “المنخل” وتدق “الهون” للمولود، وهذه كلها طقوس قديمة كان يتبعها كل من عنده مولود في ذلك الوقت.

هل انتهى دور الداية عند هذا الحد؟ الإجابة طبعا “لا” مازال دور الداية موجود في حياة المولد إذا كان ولد أو بنت بماذا؟ نترك الإجابة للقارئ.

كانت الولادة الطبيعية هي الشائعة في ذلك الزمان فلم يكن الأرتباط بالولادة القيصرية أمر هين لدى الأم نظرا لعدم الأمان في تلك الطريقة قديما ومدى الألم الذي يلحق بالأم الحامل، ومن أجل ولادة طبيعية مرنة كانت تقوم السيدة الوالدة بأكل كل ما هو مفيد لها وللجنين مع التغذية القوية بالفراخ البلدي التي كانت تربيها قبل الولادة حتى تأكلها عندما تولد والسمن البلدي الطازج والبيض البلدي، فقديما لم تكن الوجبات السريعة متوفرة بكثرة فالأم تفضل ان ينمو الجنين في بيئة خالية من الأشياء المضرة، كذلك ثقافة تدخين المرأة لم تكن متواجدة لذلك كان الطفل وقتها ذو صحة جيدة بوزن مثالي عند ولادته.

وتقوم السيدة الوالدة أيضا بتفصيل ملابس مولودها، وكان لا يوجد الحفاضة المستوردة، بل كان يوجد الحفاضات القطن والقماش وباط البطن القطن، وكل شيء للمولود يلبسه تكون من القطن الطبيعي وملابس الأم كذلك تكون من القطن وواسعة حتى تكون فضفاضة كي تأخذ راحتها وتعرف ترضع مولودها حتى عندما تحمل مولودها تكون ملابسها التي تلمس مولودها تكون طبيعية وطرية على بشرته لكي لا تسببه لأي اضرار خارجية غير مقصودة.

ومن هنا نلاحظ أن الحمل والولادة أيام زمان وأيام أجدادنا العظماء أحسن من جهة وأسوأ من جهة أخرى.

ونأخذ الناحية الأفضل الأول وهي الولادة طبيعي بعيدا عن التدخل الجراحي والأكل طبيعي الذي يصب في مصلحة الام والجنين لكي يظهر الى الحياة بصحة جيدة، والملابس قطن وفضفاضة بحيث لا تنزعج الأم من الملابس الضيقة كذلك الراحة لها وللجنين، كذلك عند دخول جنين جديد في العائلة  يتجمع جميع الأهل والأصدقاء بجانب السيدة الوالدة والمولود لمساندتهم وتقديم التهاني لها ولزوجها.

أما من الناحية الأسوأ كان يوجد عدم رعاية طبية كاملة للأم والمولود فلم تكن تحت رعاية طبيب مختص في التوليد بل تضع كل ثقتها في سيدة تقوم بتوليدها دون دراية بالتعقيم او المتطلبات التي يجب ان تتوافر في المكان الذي يقيمون فيه عملية الولادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى