الأم والأب وجهان لعملة واحدة
نجلاء صلاح الدين
كاتبة صحفية وباحثة إجتماعية
منذ ولادة كل مولودة “بنت” وهي بداخلها جينات الأمومة، وعندما تكون طفلة تكون أول لعبة لها هي “العروسة” لكي تمشط لها شعرها وترضعها مثلما شاهدت والدتها وهي ترضع أخوها الصغير، فكيف الآن تظهر بعض الآراء والأقاويل لبعض الشخصيات العامة في المجتمع لطرحهم أن الأم غير ملزمة برعاية أولادها وزوجها، وعند رضاعة أطفالها لا بد من أخذ أجر على ذلك هل الأمومة أصبحت تباع وتشترى؟
وعن حب الأم لأولادها الذي لا يضاهي حب أي مخلوق على وجه الأرض، هل هذا يباع ويشترى أيضا؟
إن طرح هذه الآراء ما هي إلا وسيلة لتشتيت المجتمع وزرع بلبلة بين البيوت وتحريض واضح وصريح لكل أم وزوجة فقدت وازعها الديني أو ينتابها تذبذب عاطفي تجاه زوجها أن تطالب بهذه المطالب غير المسؤولة وغير الواقعية.
ولنا في ديننا الإسلامي قدوة، فهو مبني على أسس إنسانية وقيم تحترم حق المرأة بشكل عام وتحفظ احترام ومكانة الأم، فالجنة تحت أقدام الأمهات لم تأتي من فراغ، بل لأنها منبع العطاء والحنان بدون مقابل لأنها تعرف جيدا أن كل هذا سوف تجنيه من معاملة أولادها لها في الكبر، فالتربية يا سادة هي شركة صغيرة تستثمر فيها الأم كل ما تملك من طاقة ومال وصحة لتحصد الأم أرباح تلك الشركة عندما تكبر ويلتف حولها أولادها وتجد منهم الحنان والعناية بها، فالحياة عزيزي القارىء ما هي إلا دين وسلف فما تزرعه اليوم تحصده غدا.
أتمنى أن تعود قيمنا وعاداتنا القديمة التي تربينا عليها منذ الطفولة، وأن نرجع نحضن بعض بحميمية حتى ينتشر الدفء والحب والحنان بين جميع الأسرة وليس عيب أن الزوج يحضن زوجته أمام أطفاله حتى يكبروا على الحب والحنان، وليس عيب أن الأب والأم يحضنوا أولادهم حتى تعم الحميمية في المنزل، وعندما نحس ببعض سوف تزول كل العقبات التي سوف تواجهنا في حياتنا، وحينها لا ننظر من الملزم بالرعاية أو دفع أجر للرضاعة.
الامومة سمة خلقها الله سبحانه وتعالى ليس فقط لترعى أطفالها وتنشئهم في بيئة آمنة، بل ووضع فيها روح الحنية والتعاون والتضحية من أجل الآخرين وليس لها. وفي بعض الأحيان تنسى نفسها وسط ضغوط الحياة ومشاكلها، فعلى سبيل المثال الأم المصرية تأخذ على عاتقها مشاكل كل من حولها من أول عائلتها إلى زوجها وأطفالها.
ومن حكم تجاربي في الحياة ألاحظ أن الأمومة شيء مقدس ويحترم من جميع المجتمعات لأن الأمم لا تبنى إلا بوجود أم مخلصة، واعية، مثقفة ومدركة لأمور حياتها وحياة أطفالها، فتعلمهم على أصول دينهم وأهمية تعليمهم ليصبحوا ذو فائدة للوطن الذي يراعهم والأم التي احتضنتهم منذ أن أشرقت الشمس على أعينهم ويكملوا الرسالة التي بدأتها الأم منذ نعومة أظافرها.
وحتى لا أكون متحيزة للأم لا نترك للأب الذي يده بيد الأم في أمور الحياة والمعيشة وهو بالأخص عليه عاتق الإنفاق على الأسرة واحتوائها في كل نواحي الحياة، ولكن انشغاله يمثل عبء على الأم. وعلى الرغم أن هذا الانشغال ليس بيده، ولكن لتوفير الأموال لكل أفراد الأسرة لسد احتياجاتهم المعيشية وتلبية رغباتهم.
وفي النهاية لا بد أن نستخلص أن الأم عمود البيت والأب هو أساس هذا البيت والتعاون مطلوب بين الاثنين ولا بد أن يكونوا يد واحدة حتى يصعدوا بجيل واعد وواعي.